قصة شرايط العهد
أول ما وصلت عند الاستقبال بتاع المستشفى عرفت ليه كانوا بيستعجلوني،،
كان واضح من الريحة اللي طالعة من عربية الإسعاف اللي واقفه هناك إن ججث0ة البنت المجهولة اللي فيها متعفنة..
حتى طبيب الاستقبال عاينها في العربية ومارضيوش ينزلوها منها عشان أخدها مباشر على المشرحة لغاية ما ييجي الطبيب الشرعي..
المشرحة كانت في مبنى صغير منفصل من دور واحد عند الركن الغربي لسور المستشفى،،
فركبت في عربية الاسعاف اللي جايبه البنت واتوجهنا ناحيتها
ومجرد ما وقفنا التروللي انا والمسعف في المشرحة ونزلنا الججث0ة على ترابيزة التشريح لقيت المسعف أخد التروللي بتاعه وطلع يجري لبره عشان يهرب من ريحتها ومنظر وشها المتآكل،، واللي ماكانوش هم مصدر انزعاجي من الججث0ة،، ولا حتى التعفن والخضار اللي ظهر في منطقة البطن تحت عبايتها السودة اللي داب أو اتقطع أجزاء منها نتيجة رميها في ترعة لمدة كبيرة،،
لكن كان مصدر خۏفي هو كمية شرايط الكتان اللي كانت متكتفة بيها فوق عبايتها ومحاوطة جسمها وكمان رقبتها،، لكن الأغرب إني لما ركزت في الشرايط دي لقيتها منقوشه بتعاويذ وصور غريبة بعضها لونه بهت وبدأ يتآكل،، وبعضها كان لسه واضح،، فكنت عارف إن الشرطة أكيد عملت معاينتها وإن قرار النيابة بالتشريح أكيد صدر،، وممكن الطبيب الشرعي يوصلنا من المحافظة يا إما النهاردة بالليل يا إما بكرة الصبح،، فحطيت الججث0ة بنفس حالتها في درج من ادراج التلاجة وأنا بتمنى إنه يوصل بالليل في وردية رشاد زميلي عشان يشرحوها سوى وانا مش موجود،، لكن مافاتش يدوب ساعتين كنت فيهم قاعد على مقعد قدام باب المشرحة ولقيت تليفون من رشاد بيستسمحني إني أشيله في شيفت الليل عشان مراته تعبت وهيسافر يكشف عليها في اسكندرية،، وكعادتي بقلبي الطيب وافقت
وفضلت قاعد مع نفسي وانا بيدور في دماغي حاجة واحدة..
يا ترى أهل البلد هيحكوا عني إيه المرة دي،، واللي ياما حكيوا عني إني بكلم الچثث في الليل في نبطشياتي، وبضحك لحد القهقهة وبعيط لغاية النهنهة وأنا بسمع حكاياتهم،،
مش عارف ليه إشمعنا أنا،، مع إننا أتنين فنيين شغالين بالتبادل عالمشرحة،، اللي قليل لما بيبات چثه فيها،، لأننا في مدينة صغيرة ومش كل يوم في ججث0ة محاوطها شبهة جنائية هتتحفظ عشان تتشرح أو ججث0ة مجهولة الهوية هتنتظر لما تعدي المدة القانونية قبل ماتندفن في مدافن الصدقة،،
لكن يمكن عشان أنا شعر راسي إبيّض وجسمي إتنحل والهالات السودة حاوطت عينيا وانا لسه يدوب تلاتين سنة،، فكان شكلي محفز للحكاوي اللي من النوعية دي،،
وكنت لغاية فترة قريبه بسمع الحكاوي اللي بتتحكى عني من أمي وأخواتي البنات او حتى من رشاد زميلي وأقعد أضحك عليها،، لكن الحقيقة إني بدأت أتدايق في الفترة الأخيرة خاصة لما سمعت أكتر من مرة إن الموضوع بدأ يتحول من مجرد حكايات مخيفة بتتحكى عن فني مشرحة،، لكوني بقيت رمز للخوف أو التخويف لدرجة إن الأمهات بدأت تهدد عيالها المشاغبين بإنهم هيجبولهم إبراهيم العارف..